الإثنين, أبريل 29, 2024
Homeاراءتنحي السيد حازم تحسين بك أصبح مطلباً ملحاً! : د. خليل جندي

تنحي السيد حازم تحسين بك أصبح مطلباً ملحاً! : د. خليل جندي

ما أشبه اليوم بالبارحة، مثل يقال عندما تتراكم المشاكل وتتكرر الأخطاء وتغلق أبواب التفاهم، ويتغلب منطق القوة والدكتاتورية والجشع على الحكمة والمصلحة العامة، وتعمى البصيرة أمام اعصار التطور الهائل في جميع مجالات الحياة بما فيها هزّ عروش الكثير من طغاة العالم. ففي 28 كانون الثاني من عام 2019 رحل الأمير تحسين بك إلى دار الحق، تاركاً خلفه صراعاً محتدماً على كرسي (الإمارة) دام لمدة ستة أشهر بالكمال والتمام (28. 1- 27. 7. 2019)، و رغم الدعوات والمناشدات التي أطلقت، والمقالات التي ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي الداعية حينها لاختيار أمير يمثل رغبة الايزيديين كافة أينما كانوا من خلال عقد مؤتمر عام ينقل مجتمعهم من العشوائية والقرارات الفردية إلى نظام مؤسساتي وعمل جماعي، لن يكون الأمير القادم معصوماً بل يمكن إزاحته في حال عدم أدائه لواجبه، إلاّ أن كل ذلك لم يحدث، وكما يقول المثل “تمخض الجبل فولد فأراً!”. فتم ضرب جميع دعوات ومناشدات الإيزيديين عرض الحائط، وحدث ما يمكن وصفه مهزلة تنصيب السيد حازم “أميراً” خلفاً لوالده. وتم (تلبيس) رأي الايزيدية من قبل ما يسمى بأبناء الإمارة اعتقاداً منهم أن سلطتهم الدينية والدنيوية باقية، وأنهم ما زالوا “ظلّ الله على الأرض”، وانهم الآمرون والناهون في اتخاذ القرارات وتقرير مصير الايزيدية..

الطامة الكبرى أن السيد حازم الذي فرض رغم أنف الايزيديين كأضعف “أمير” من قبل الحزب الحاكم، جاء في 7 تشرين الثاني 2020 بتوجيه وتدخل صارخ من نفس الجهة التي عينه، لـ “يعين” البابا شيخ الجديد، ضاربين مرة أخرى الدعوات والمناشدات عرض الحائط، ومستصغرين ومستهزئين بمشاعر الايزيديين!! السؤال الرئيسي والملح هنا: إلى متى سيبقى مصير الايزيديين رهناً بيد نزوات وقرارات فردية، وتدخلات مفضوحة؟ ألا تحتاج المرحلة إلى رفع كلمة ((STOP قف وكفى لهذا الاستهتار وتلك التدخلات!.

قارنت في مقال نشرته في 30.7.2019 تحت عنوان (من عبد المجيد الثاني إلى حازم تحسين بك/هل هي بداية نهاية الإمارة؟!) بين آخر سلاطين الدولة العثمانية عبد المجيد الثاني (1922-1924م) والسيد حازم تحسين بك (أتحدث عن السيد حازم بصفته الوظيفية والإدارية كأمير وليس بصفته الشخصية فهو صديق ومحترم من ذلك الجانب).

عبد المجيد الثاني لم تكن له القوة والقدرة والإمكانية لمجابهة الأخطار التي تكالبت عليه في آخر عهود الدولة العثمانية المتهالكة والمضطربة والفاسدة، حيث وجد نفسه منفياً خارج تركيا وانهارت الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وجاء بعدها مصطفى كمال اتاتورك ليصبح رئيساً للجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الخلافة الاسلامية.

مع الفارق الكبير بين إمبراطورية مترامية الأطراف، وبين إمارة صغيرة لا جيش ولا حدود ولا مقومات لها، ماعدا وجود حزب كوردي حاكم يدعم (أميرها)، إلاّ أن المشترك بينهما هي حالة التهالك والضعف والفساد والأخطار المحدقة، يجعلنا نتسائل: هل يملك “الأمير” الجديد من الكاريزما والإخلاص والإمكانيات ليصمد أمام كل ما خلفتها إبادة سنجار من ويلات ومآسي وانكسارات نفسية وتحطيم المجتمع.؟ ويصمد أمام موقفه المعيب في الاستفراد بقرار “تعيين” البابا شيخ وعدم الاستماع إلى رأي الشارع الايزيدي ومناشدات تأجيل التنصيب لبضعة أيام!! كل ما يقرأ عن المشهد والطريقة الهزلية التي تم فيها الإعلان عن تنصيب “الأمير” الجديد، و “البابا شيخ” الجديد هو المزيد من الرفض لـه ولطاقمه التعبان! هو المزيد من تشرذم المجتمع الايزيدي!. هي إنحصار “الإمارة” برقعة قضاء الشيخان وتلكيف ومجمعي شاريا وخانك، وربما قصبتي بعشيقة وبحزاني، وسلخ غالبية ايزيدية سنجار والمهجر منها!..هي عودة الإمارة، إن بقيت هناك من إمارة، إلى إسمها القديم “إمارة الشيخان”!. إن صحت، أو إقتربت، هذه القراءة للحالة الايزيدية الراهنة، والطريقة الفاضحة التي تم فيها عملية اختيار وتنصيب الأمير والبابا شيخ، أرى أن ذلك ستكون بداية نهاية الإمارة الايزيدية وإن استمرت لوقت تطول أو تقصر!

من أجل تدارك الوضع ووقف تداعيات التدهور الحاصل وانقسام المجتمع الايزيدي، أقف اليوم مع جميع أتباع الديانة الايزيدية وأمام التاريخ المحمل بالدم، أقترح على السيد حازم تحسين بك أن يحفظ ما تبقى من ماء الوجه بأن يتنحى من منصبه، وأمامه في ذلك ثلاث طرق:

الأول/أن يبادر بنفسه إلى التنحي، إلا أني أستبعد ذلك فهو عبد مأمور وليس صاحب قرار!.
الثاني/ أن يتنحى عبر “انقلاب أبيض” من داخل البيت بموافقة ضمنية من الشارع الايزيدي!.
ثالثاً/ في حال عدم نجاح المقترحين أعلاه، تبدأ أطراف المعارضة الايزيدية من المجلس الروحاني، وجهاء القوم في العراق وسوريا وتركيا وأرمينيا وجورجيا والمهجر، وجميع الفعاليات الايزيدية في الداخل والمهجر بالتهيئة والتحضير لمؤتمر ايزيدي عام لتنحي السيد حازم بك واختيار بديل عنه مع مناقشة وحل إشكالية “تعيين” البابا شيخ الجديد في خلعه أو الإبقاء عليه. ويقوم المؤتمر بوضع دستور وبرنامج وهيكل مؤسساتي لقيادة المجتمع الايزيدي في كل مكان مستقبلاً.
أرى، ويرى معي الغالبية العظمى، أن الجرح الايزيدي أكبر من أن يداوى بضمادات المجاملة وحلو الكلام، والأمنيات والأدعية والتضرع إلى الأولياء، والاستنجاد بالمنقذ (مهدي شرف الدين)! الحالة الايزيدية تحتاج إلى وقفة جادة، ومراجعة نقدية للتاريخ والأشخاص. وهنا أختار بعض النقاط الذي سبق وان طرحتها عام 2007 وقبلها أيضاً:

1- فصل الدين عن السياسة، بمعنى تشكيل “مجلس روحاني” بمواصفات جديدة بحيث يكون رجل الدين في ذلك المجلس بمرتبة البيشيمام والبابا شيخ وشيخ الوزير ورئيس القوالين وغيرهم على درجة من العلم والمعرفة والنزاهة لم تخجل منهم الايزيدية عندما تمثلها في المحافل، يتم انتخابهم حسب الكفاءة والسمعة وبدون مقابل مادي من نفس السلالات والعوائل المحددة.

2- يتحول منصب الأمير الى منصب رمزي مثل النظام الملكي في كل من بريطانيا وهولندا واسبانياوالنرويج…الخ، لا يجوز له التدخل في الشؤون السياسية وتكون مهمته توقيع البرتوكولات والقرارات المهمة ويعيش على واردات أملاكه، أو ما يدفع له من الحكومة كمورد.

3- تشكيل هيئة أو مجلس إداري، أو برلمان، أو سمه ما شئت، من ايزيديي جميع الدول والمهجر ويضم الرجال والنساء، يتم انتخابهم بشكل ديمقراطي من المؤتمر مهمته قيادة الايزيدية إدارياً وسياسياً وعلاقاتً خاجية ًواقتصادياً (الأوقاف) الداخلية والاشراف على خيرات الايزيدية، وتمثيلها في كل مكان. ومن الطبيعي أن تكون هنالك علاقات واستشارات بين هذه الهيئة والمجلس الروحاني الأعلى واستشارة الأمير/ الرمز.

4- لن يكون الأمير عضواً في كلا المجلسين (الروحاني والاداري) بل كما قلنا منصب رمزي حسبما ورد في النقطة 2.
5- فك ارتباط أعضاء المجلس الروحاني والأمير وجميع رجالات الدين من (مركز لالش الثقافي والاجتماعي) وربطهم إما بدائرة أوقاف ايزيدية خاصة تستحدثلذلك الغرض، أو بمديرية أوقاف الديانة الايزيدية الاتحادية غير الخاضعة لأي حزب أو أية جهة سياسية.

6- يقوم المؤتمر بتشكيل لوبي ايزيدي في المهجر، يتفق على هيكليته وعدد أعضائه ومهامه ليكون حلقة وصل بين ايزيديي جميع الدول والشتات بين العالم الخارجي.

وهنالك نقاط تفصيلية كثيرة نتركها للمستقبل لتدخل ضمن برنامج ودستور الإدارة الايزيدية الجديدة.

باختصار كبير الوضع الايزيدي الحالي بحاجة إلى مجلس روحاني فاعل وإلى برلمان ايزيدي مقتدر، وإلى قائد (أمير أو سمه ما شئت) شجاع وقوي وذو إمكانيات وكاريزما، أميراً مستقلاً لجميع الايزيديين، لا أن يكون أميراً حزبياً ينفذ أجندات حزب معين ويتحول إلى أداة رخيصة وبوق بعيداً عن إرادة الايزيديين، يدرك أن منصبه غير مقدس، يؤمن بالإصلاحات وينقل العمل الايزيدي من “العشوائية” والقرارات الإرتجالية الفردية، إلى شكل مؤسساتي لا يستفرد بها لوحده، بل يشاركه في صنع القرار فعلياً (برلمان ايزيدي موسع يشارك فيه ايزيدية باقي الدول). يراعى فيه نسبة إيزيدية سنجار وأوروبا، والتيارات الايزيدية المختلفة ومن كلا الجنسين. وأن يلتزم بالانفتاح على بغداد وأربيل والعالم أجمع.

أقولها للتاريخ، وأتمنى أن أكون مخطئاً، أن اختيار السيد حازم تحسين بك في هذا التوقيت بالذات، وكذلك التدخل السافر والطريقة الهزلية التي تم فيها “تعيين” البابا شيخ الجديد، هي حلقة من حلقات إكمال مخطط تفكيك وهدم المجتمع الايزيدي عامة وسنجار خاصة من قبل أطراف كوردية ومباركة عربية (سنية) محلية في الموصل، وربما بدعم أطراف خارجية، بعرقلة عودة النازحين الايزيديين إلى سنجار تمهيداً لتغيير ديمغرافيتها السكانية كما حدث لقضاء الشيخان! ومن أجل ان لا يكون الايزيديون العائدون قاعدة لنشاط حزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا!. من دون تدارك هذه المخاطر، ومن دون إيجاد حلول لا تقبل التأجيل، فأننا أمام مستقبل مظلم!!.

خليل جندي
كوتنكن في 28/11/2020

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular