السبت, أبريل 27, 2024
Homeمقالاتقراءة في المتحور الأدبي الجديد في المجموعة القصصية ( جني الأكفان )...

قراءة في المتحور الأدبي الجديد في المجموعة القصصية ( جني الأكفان ) للكاتب واثق الجلبي:جمعة عبدالله

 

يتميز الأديب في جدية السعي في  البحث والتجريب  في منصات أجناس الأدب ( الشعر والسرد ) لخلق شكل جديد من رحم  أجناسها   , هذه المحاولات التجريبية يحاول أن يوظفها , ليخوض في  تداعيات الواقع ومكوناته حتى يدخل  في عمقها وخلفيتها , ليصوغ منها شكل  إبداعي  حديث  وخلاق في ابتكاراته في الصياغة والتعبير   , والاديب ( واثق الجلبي ) يمتلك براعة التمرد على أصناف وأجناس الأدب التقليدية , كما هو يتمرد على مفردات الواقع الضبابية , التي لا تملك رؤية ومنطق معقول وسليم  , يمتلك القدرة والامكانية في خلق الإبداع  المتجدد في الصياغات الفنية الحديثة في الشكل الفني  الحديث , ليضعه على مشرحة خياله وافكاره ورؤيته التعبيرية والفلسفية , في براعة المحاججة الجدلية ودوامتها الدراماتيكية ,  بأسئلته  الساخنة والملتهبة التي  تستلهم عتبات الواقع ومفرداته المحسوسة واللامحسوسة , في عمق إنتاج خميرة الواقع   بما يفرزه الحس الشعوري الذاتي والعام  , على واقع تتحكم به الصراعات والتناقضات والتجاذبات شتى  . لقد  خرجت النصوص القصصية من رحم الصياغة التجريبية الحديثة في محاولاته , في خلق وليد إبداعي  حديث . في مزج  اجناس الادب ( الشعر / السرد ) مع بعضها  ليخرج منهما تجنيس واحد خلاق في ابتكاراته , هذا المتحور الادبي , يستلهم روح الواقع ومدياته  ,  التي تسير بلا رؤية  ولا ضفاف . ليضفي عليه ايحاء رمزي بليغ  في دلالاته,في الاتجاه السريالية الرمزية ,  وفي اسئلته الساخنة والملتهبة  , من خلالها يكتشف   عمق الأشياء في صراعاتها الجدلية . ان هذا الاكتشاف الإبداعي الجديد يعطي مساحات واسعة للأسئلة  جدل المحاججة  , حتى تثير أحاسيس  القارئ بالتفكير والتأمل . ان الاديب ( واثق الجلبي ) يضرب على الوتر الحساس لمديات الواقع القائم , على الإيقاع الرنان في الصوت والصدى . والنصوص القصصية القصيرة في المجموعة ( جني الاكفان ) تضم حوالي 117 نصاً قصصياً قصيراً . يعطي أهمية فائقة لعناوين النصوص لكل نص  , وتعتبر هذه  العناوين إشارات دالة  في الإيحاء البليغ  في المعنى العميق , او  أنها تعطي المسار الضوئي للنص أو اللوحة التعبيرية  , أو هي  بمثابة تعريف النص  , وخلاصة القول هذا الوليد الإبداعي  الخلاق في التجنيس الواحد , يعطي أهمية للخلق الابداع وأفكاره المطروحة  , التي تتخذ من ضفاف السريالية  الرمزية ضفافاً للتعبير , بشكل  موضوعي ,  وليس بشكل تهويمات  خيالية .

×× بعض الشذرات من النصوص القصصية :

× النص : من هو ؟

في خضم الاسئلة الساخنة والصاخبة , تدل على حالة الاضطراب والارتباك المتناقض في خضم الصراع المتلاطم في الأضداد (   من هو ؟ من أنا ؟ من أنت ؟ عقلٌ وروحٌ وجسد ، نفس وضمير وقلب ، ذاكرة وخوف وأمل ، رغبة واشتهاء وفوضى ، ضحك وبكاء وخوف ، نارٌ وماء وترابٌ ، وهواء ، نورٌ وعتمة ، مالحٌ وعذبٌ وأجاج ، كل ذلك وأكثر في كائن واحد فما أعظم من جمع تلك الأضداد وسارت بها الأقدام .)

× النص : نبي كاذب

يتزاحم على الواقع أنبياء الزور والكذب والنفاق , لا نعرف ماهيتهم  ولا اصلهم ,  سوى أفواههم تقذف بحمم  شظايا الحرائق والنيران التي  تسقط على الرؤوس . هؤلاء الحمقى يخيطون افكارهم على ظهر سلحفاة عاهرة (

لم يعرف نفسه إلا نبيا كاذبا يخيط أفكار الحمقى على ظهر سلحفاة عاهرة ، أين حكمةُ العيش فيما يفعل ؟ الأشجار أكثر فائدة من الغبش المطحون بسرمدية ابتلاع النوافذ ، لم تحرك ذاتهُ ساكنا كأنه يُقبّل أنفه بمؤخرة دبورٍ مات في العصر الأول من تاريخ الغيب ، سجّل منتهى رغبته وعقد ما أراد فوق شباكٍ من خشبٍ آسن وبعد أربعين كذبة ظن أنه ركب السفينة وإذا به يرقد تحت رحمة مقص .)

× النص : عبثية مجون

مسخته الاعوام ورمته في جوف  قط يتيم , ولم يعد يتشوق الى الحياة والوجود , فقد اصبحت ثقيلة عليه ,  لا ينزف منها سوى القيح والارهاق والمتاعب  , فلم تعد الاستغاثة تجدي نفعاً (    جفتهُ السنين ، ورمتهُ في جوفِ قطٍ يتيم ، لم يعلم مدى شوق نجمةٍ للوجود ، شرابهُ نتوءُ ظلٍ لا تعرفهُ الأقداح ، أراد أن يتكلم لكنهُ أخفق من جديد ، لا يُريدُ بوح معزى ولا يبتغي وصلَ ناشزِ الرياح ، كفتهُ أحاسيس الخوف من المحاولة ، ظِلهُ يسقط عليهِ دائما كما كان ، لم يشعر بثقلٍ أكبر منه ، أحاطهُ كالمستغيث ففرّ منهُ أسرعُ من بكاء قلم ، مزاميرهُ وجوهٌ العدم ولسانهُ أقصرُ من حبة حنطة مخلوطة القشور ، أيُ نجوى تقترب من حدود هذا الأليم ؟)

× النص : جني الأكفان

اختلطت أشياء الحياة والواقع في مساراته الشاحبة بالخيبة والفوضى السريالية , ولكن أين يهرب وما وسيلة الهروب ؟ , هل يلاحقه الجني حتى المقبرة ليسرق  الكفن ؟, وماذا يفعل الجني بالكفن ؟  , وهل يحتاج الموتى الى كفن ؟ اسئلة تصرخ , لكن لا حياة لمن تنادي (

هل يسرقُ الجنيُّ الكفن ؟ متى يكون ذلك ؟ وأين تلك المقبرة ؟ ولماذا يفعل هذا  ؟ وهل يجوز؟ كيف يلفُ الكفن فكرة النهوض إلى حجٍ فكريٍ ممتقع بالاستلاب ؟ ماذا سيفعل الجني بذلك الكفن الطريّ ؟ هل يقرأ عليه تعازيم القيامة ؟ أين كان ثم ظهر فجأة ؟ هل لهُ وجود ؟ الكفنُ قماطُ البالغين ، القماط يمنع الأطفال من الحركة ، فما نفعُ الكفن ؟ هل يمنع الموتى من التفكير ؟ يدخل الجنيُّ ما بين الكفن والجلد قيمةَ ثانيةٍ من مكانٍ مبعثر العوالم ، لعلهُ يبحثُ عن الانتشاء الذي يسكن في مخ الموتى وربما يبحثُ في جمجمتهم عن فكرة لم يطلقوها بعد ، جنيُّ الأكفان ليس لهُ عشيرة ولا أهل ولا يمتلكُ إلفا ولا أحدا يهمسُ له بخطأ ما يفعل فعاش جنيا لكنهُ لم يمُتْ كفنا .)

× النص : أحاجي الفوضى .

فتش عن قيمته فلم  يجد سوى التعاسة تلاحقه ,  التي تحصر قلبه بالحسرة والحزن , قلبه يشفق عليه , تيقن بأنه زائل عما قريب , فلم يستطع يقرأ من الكلمات سوى أحاجي الفوضى (   فقسّتْ غيمته وتناهتْ إلى أسماع قلبهُ شفته فتقلبتْ أفكارهُ واشتدتْ لضياع صمتهِ حسراته ، لكنهُ أيقن أن ما ألمّ به زائل وأنه عمّا قريب بكُلهِ راحل ، رفع رأسهُ وقد انتهى من سكبِ هذه الكلمات التي امتعض من صياغتها وحسبها مولودا مشوها لكنه أثبتها في دفتره ليستطيع أن يرجع إلى الأمس وهو يقرأ أحاجي الفوضى ، وتساءل : هل يكتب ما يفكرُ بهِ غيره)

جمعة عبدالله

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular