موسكو/أنقرة – في منعطف في مسار التفاهمات والعلاقات بين تركيا وروسيا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس أن على أنقرة التوقف عن دعم “مجموعات إرهابية” في محافظة ادلب السورية، فيما ذكر مسؤول تركي أن بلاده طلبت من واشنطن نشر بطاريتي صواريخ باتريوت على حدودها الجنوبية لمساعدتها في التصدي لأي هجمات في المستقبل من جانب القوات السورية المدعومة من القوات الجوية الروسية.
ودعا الجيش الروسي في بيانه “الجانب التركي إلى وقف دعم أعمال مجموعات إرهابية وتسليحها”، منددا بضربات مصدرها مواقع تركية أدت إلى إصابة أربعة جنود سوريين بجروح.
وأضاف البيان أن “الفصائل الإرهابية شنت عدة هجمات كبيرة” على المواقع السورية في منطقتي النيرب وكميناس جنوب ادلب، موضحا أن مقاتلات من طراز سو-24 قصفت جماعات إرهابية موالية لتركيا.
الجيش الروسي يقصف مواقع جماعات ارهابية تدعمها تركيا في خضم توتر غير مسبوق بين أنقرة وموسكو وفي الوقت الذي تدور فيه مواجهات عنيفة بين القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها والقوات السورية
وتابع أن الإسناد الجوي الروسي أتاح للجيش السوري صد هجوم تلك الجماعات كما ساعده في تدمير “دبابة وست آليات مدرعة وخمس سيارات رباعية الدفع مدججة بالسلاح”.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الخميس إن الولايات المتحدة قد ترسل صواريخ باتريوت إلى بلاده بعد مقتل جنود أتراك في هجمات نسبت إلى قوات النظام السوري في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا.
وأضاف لشبكة ‘سي ان ان’ التركية “هناك تهديدات بضربات جوية وصواريخ تستهدف بلدنا قد يكون هناك دعم من الباتريوت”، إلا أنه استبعد أي مساندة برية من القوات الأميركية.
وأشار إلى أن تركيا وروسيا تجريان مناقشات بشأن استخدام المجال الجوي السوري بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا، مشيرا إلى أنه يمكن التغلب على المشكلة إذا “تنحت” روسيا جانبا.
ولا تريد تركيا الدخول في مواجهة مع روسيا في الساحة السورية حفاظا على تفاهمات سابقة وعلى صفقات وعقود اقتصادية إذا انهارت ستكون ضربة مؤلمة للاقتصاد التركي.
وقال أكار في مقابلة مسجلة في وقت سابق إن المسؤولين الروس والأتراك بإدلب أجروا حوارا جيدا، مضيفا أن تركيا لن تقبل بأي مقترحات لنقل مواقع المراقبة الخاصة بها في المنطقة.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن جنديين تركيين قتلا وأصيب خمسة في ضربات جوية نفذتها الحكومة السورية في إدلب مما رفع عدد القتلى في صفوف الجيش التركي في منطقة إدلب هذا الشهر إلى 15، مضيفة أن أكثر من 50 جنديا سوريا قتلوا قرب مدينة إدلب في ردها على ذلك.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بلغ فيه التوتر بين أنقرة وموسكو أشدّه وفي الوقت الذي تدور فيه معارك عنيفة بين قوات النظام السوري والفصائل المقاتلة الموالية لتركيا بما فيها الجماعات المتطرفة في شمال غرب سوريا.
والأربعاء، اتهم الكرملين أنقرة بعدم احترام وقف إطلاق النار في سوريا وعدم القيام بأي خطوة بهدف “تحييد الإرهابيين” في منطقة ادلب.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن مسؤول تركي مطلع قوله، إن بلاده وجهت طلبا للولايات المتحدة لنشر بطاريتي صواريخ عند حدودها الجنوبية، مشيرا أيضا غلى أن ذلك يمكن تركيا من استخدام طائرات حربية من طراز إف 16- لضرب الوحدات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في إدلب إذا تم نشر منظومة باتريوت في ولاية هاطاي الواقعة عند الحدود التركية لتوفير الحماية.
وبحسب المصدر ذاته لم تتلق أنقرة بعد ردا من الولايات المتحدة على طلبها الذي نقله الأسبوع الماضي إلى جيمس جيفري المبعوث الأميركي إلى سوريا.
وتدور حاليا نعارك عنيفة بين فصائل متطرفة تدعمها تركيا مع قوات النظام السوري في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2019 تتعرض مناطق في إدلب ومحيطها، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل أخرى معارضة، لهجوم واسع من دمشق، مكّن قواتها من التقدم في مناطق واسعة في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي.
وأفاد المرصد بأن فصائل مقاتلة بينها هيئة تحرير الشام وأخرى معارضة منضوية في الجبهة الوطنية للتحرير، شنّت بدعم من القوات التركية هجوما ضد مواقع قوات النظام في بلدة النيرب الواقعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن “الأتراك يدعمون الفصائل بسلاح المدفعية ويؤمنون لها تغطية أثناء تقدمها على الأرض ويتقدمون خلفها”.
وسيطرت الفصائل على الجزء الأكبر من النيرب، قبل أن تجبرها قوات النظام مدعومة بالطيران الحربي على التراجع.
وأسفرت المعارك والقصف الجوي وفق المرصد عن مقتل 11 عنصرا من قوات النظام و14 من الفصائل المقاتلة، بالإضافة إلى الجنديين التركيين.
وأكدت وكالة الأناضول الرسمية نقلا عن مصدر في المنطقة أن “هناك تحركا لحماية مواقع الجيش التركي” من دون أن تحدد ما إذا كانت القوات التركية تشارك في العملية.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها أن “وحدات من الجيش العربي السوري تقضي على المجموعات الإرهابية المهاجمة على محور النيرب”.
ومنذ بداية الشهر الحالي، شهدت إدلب توترا غير مسبوق بين دمشق وأنقرة انعكس في مواجهات على الأرض أسفرت عن قتلى من الطرفين.
وعلى وقع تقدم خلال الأشهر الماضية، بات الجيش السوري يحاصر ثلاث نقاط مراقبة تركية على الأقل من أصل 12 تنتشر في المنطقة، بموجب اتفاق روسي تركي.
ودفع هجوم قوات النظام في إدلب منذ بداية ديسمبر/كانون الأول 2019 بنحو 900 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى ترك منازلهم.
وقالت الأمم المتحدة أن 170 ألفا منهم يقيمون في العراء. كما أسفر عن مقتل أكثر من 400 مدني، بحسب المرصد.
وخلال أسابيع سيطرت قوات النظام السوري على مناطق واسعة جنوب إدلب وغرب حلب وتمكنت من تحقيق هدف طال انتظاره بسيطرتها على كامل الطريق الدولي ‘إم 5’ الذي يصل مدينة حلب بدمشق.