جندي من جيش الدفاع في كاراباخ يطلق قذيفة مدفعية باتجاه مواقع آذربيجانية أثناء القتال-
أعلنت أرمينيا الثلاثاء أن مقاتلة تركية أسقطت إحدى طائراتها الحربية خلال معارك عنيفة مع أذربيجان، وهو ما نفته بشدة أنقرة حليفة باكو.
ومن شأن تدخل تركيا المباشر في النزاع أن يؤدي إلى تصعيد خطير بعد ثلاثة ايام من الاشتباكات العنيفة بين القوات الأذربيجانية والأرمينية حول منطقة ناغورني قره باغ الانفصالية.
وإلى الآن لم يستجب طرفا النزاع للدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار في قره باغ، القطاع الأرميني الذي انفصل عن أذربيجان في تسعينيات القرن الماضي، في حين أعلن كل طرف تكبيد الطرف المقابل خسائر فادحة.
وأعلنت أنقرة دعمها لأذربيجان في النزاع، والثلاثاء أعلنت وزارة الدفاع الأرمينية أن مقاتلة اف-16 تركية أسقطت خلال طلعة جوية لمؤازرة باكو مقاتلة سو-25 أرمينية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الارمينية شوشان ستيبانيان عبر فيسبوك إن المقاتلة التركية كانت تجري طلعة جوية لمؤازرة سلاح الجو الأذربيجاني في قصف تجمعات مدنية في أرمينيا عندما أسقطت المقاتلة الأرمينية، ما أسفر عن مقتل الطيار.
وقال مدير الاعلام في الرئاسة التركية فخر الدين التون “لا صحة اطلاقا للمزاعم القائلة إن تركيا اسقطت مقاتلة ارمينية”.
واضاف “على ارمينيا ان تنسحب من الاراضي التي تحتلها بدل اللجوء الى هذه الدعاية السخيفة”.
كذلك، رفضت وزارة الدفاع الاذربيجانية اتهامات يريفان، وقال متحدث باسمها للصحافيين ان “هذه المعلومة هي كذبة اخرى للدعاية الارمينية”.
– خسائر فادحة –
وتخوض أذربيجان وأرمينيا منذ عقود نزاعا حول قره باغ، وقد حمّلت كل جهة للجهة المقابلة مسؤولية تأجيج الاشتباكات العنيفة التي اندلعت الأحد وأوقعت إلى حد الآن نحو مئة قتيل.
ودعت قوى خارجية من بينها الولايات المتحدة وروسيا إلى وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات المتوقفة منذ سنوات حول مستقبل قره باغ.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء جلسة طارئة لبحث التصعيد العسكري في الإقليم، في حين لم يبد أي طرف نيّة لوقف الأعمال العدائية.
والثلاثاء توعّد كل من الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بمواصلة القتال، في حين أعلن قوات كل طرف تكبيد القوات المقابلة خسائر بشرية فادحة.
وقالت وزارة الدفاع الأرمينية إن الانفصاليين في قره باغ تمكنوا من صد هجمات أذربيجانية على طول الجبهة الأمامية مؤكدة أن “العدو تكبد خسائر بشرية فادحة”.
وأضافت ان الجيش الأذربيجاني تكبد خسائر كبيرة منذ اشتعال المواجهات، مع إسقاط نحو 50 طائرة من دون طيار وست مروحيات وتدمير 80 دبابة.
في باكو، نفى مسؤولو الدفاع تقارير المقاتلين الانفصاليين التي ذكرت بأن قوات مدعومة من أرمينيا استعادت السيطرة على مناطق كانت قد خسرتها في معارك الأحد.
وقالت أذربيجان إن جيشها تصدى لهجوم أرمني مضاد، ودمر قافلة أرمنية مؤللة ووحدة مدفعية، وفي وقت لاحق فوج مشاة تسانده عربات عسكرية بأكمله.
– 25 عاما من الانتظار –
يخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج إلى النزاع قوتان إقليميتان هما روسيا وتركيا اللتان تدعم كل منهما الطرف الآخر في النزاع.
وتنضوي يريفان في تحالف عسكري يضم جمهوريات سوفياتية سابقة بقيادة موسكو. وحض الكرملين الثلاثاء تركيا والأطراف المتحاربة على العمل من أجل “التوصل لتسوية سلمية لهذا النزاع بالسبل السياسية والدبلوماسية”.
لكن مدير الاعلام في الرئاسة التركية أكد أن “تركيا تتعهد بالكامل مساعدة أذربيجان في استعادة أراضيها المحتلة والدفاع عن حقوقها ومصالحها بموجب القانون الدولي”.
ولم تعلن أذربيجان أي خسائر في صفوفها، لكن الحكومة الانفصالية بثت تسجيلات من ميدان المعارك تظهر ما قالت إنها جثث جنود أذربيجانيين.
ولدى توجّهه لإجراء التدريب العسكري في باكو قال المجند شاه الدين رستموف البالغ 25 عاما لوكالة فرانس برس إنه فخور بخدمة جيش بلاده.
وقال إن استعادة قره باغ “أمر ننتظره منذ 25 عاما. على امل أن يكون العام الحالي هو الأخير”.
وأكد مسؤولون أرمينيون الثلاثاء وفاة ثلاثة مدنيين آخرين، فيما أعلن علييف ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين في الجانب الأذربيجاني الثلاثاء إلى 11 قتيلا.
ويرتفع بذلك العدد المؤكد للقتلى في المعارك إلى 96، هم 80 مقاتلا من الانفصاليين الذين خفّضوا حصيلة سابقة لقتلاهم، و16 مدنيا.
– واشنطن تدعو للعودة إلى المفاوضات –
وحض المراقبون المجتمع الدولي على تعزيز جهود التوصل لحل سياسي.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء اجتماعاً طارئاً مغلقاً يناقش فيه التطوّرات في ناغورني قره باغ وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية وكالة فرانس برس الإثنين.
وقالت المصادر إنّ الاجتماع سيعقد الساعة 21,00 ت غ، بطلب من بلجيكا إثر مبادرة قامت بها ألمانيا وفرنسا.
وقبل الاجتماع دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى وقف أعمال العنف والعودة إلى المفاوضات “في أسرع وقت”.
وأدى إعلان الإقليم استقلاله عن أذربيجان إلى حرب في مطلع التسعينات، أودت بحياة نحو 30 ألف شخص.
وتطالب أذربيجان، البلد الناطق بأحد فروع اللغة التركية وذو الغالبية الشيعية، باستعادة السيطرة على الإقليم الجبلي الذي لم يعترف المجتمع الدولي، ولا حتى أرمينيا، بانفصاله عن باكو عام 1991.
وأعلنت أرمينيا وقره باغ الأحد الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية، فيما فرضت أذربيجان الأحكام العسكرية ومنعت التجول في مدن كبرى.
والمحادثات الهادفة لتسوية النزاع، والتي بدأت مع تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991، متعثرة بشكل كبير منذ اتفاقية لوقف إطلاق النار عام 1994.
وبذلت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة جهود وساطة ضمن “مجموعة مينسك”، لكن آخر واكبر تلك المساعي باءت بالفشل في 2010.